الملا عثمان الموصللي
الملا عثمان الموصلي بن الحاج عبد الله بن عمر
المنسوب إلى بيت الطحان ولد في الموصل سنة ١٨٥٤ و توفي في بغداد سنة ١٩٢٣
ودفن في مقبرة الغزالي. كان كفيفا لا يبصر و ترعرع يتيما في الموصل حتى
تولاه آل العمري لرعايته لما رأوا فيه النجابه و الذكاء. حفظ القرآن و
السيرة و اتقن التلاوة و نظم الاشعار و هو صغير السن. وفد الى بغداد و حفظ
صحيح البخارى و قرأ الموالد النبوية ثم اخذ المقام العراقي من الحاج عبد
الله الكركوكلي ومن رحمة الله شلتاغ (١٧٩٨-١٨٧٢) و امين آغا ابن الحمامجيه.
ادى فريضة الحج ثم عاد الى مسقط رأسه الموصل و قرأ القراءات و درس
الموسيقى و العزف و الشعر و العلوم الشرعية. ومن الذين تلقوا عنه اصول
التلاوة و النغم الحاج عبد القادر عبد الرزاق خطيب جامع الامام الاعظم
والسيد محمود الهاشمي والملا مهدي الحافظ وعبد الفتاح معروف ومحمد صالح
الجوادي والحاج محمود عبد الوهاب و كاظم اوز و احمد ابو خليل القباني و
الشيخ محمد رفعت من مصر و غيرهم. كان كثير الاسفار في البلاد والتجول فيها
وكان صوته غليظا أجش وفيه بحة. والى الملا عثمان تنسب عشرات التنزيلات
والاشغال المولدية المستعملة الى اليوم في العراق في الموالد النبوية. و
كان يحتفظ محمد صالح الخطاط باسطوانات شمعية فيها شئ من تلاوة الملا عثمان
بصوته غير انها مضطربة مشوشة. بعض تسجيلاته على الاسطوانات بين عامي ١٩١٠ و
١٩٢٠ في اسطنبول اواخر العهد العثماني متوفرة تجاريا في تركيا تحت اسم
موصلو حافظ عصمان افندي و هي بجودة عالية و تعد افضل نموذج وصلنا من صوت
الملا الموصلي
الملا والشيخ والحافظ والمتصوف والموسيقار
والشاعر عثمان الموصلي رائد الموسيقى العربية الحديثة وكان أسطورة في
التلاوة وقراءة الموالد والاذكار كما اتقن فصول المقام العراقي وسجل
الاسطوانات وعلم الموسيقى والتلاوة في كافة ارجاء الدولة العثمانية. كان
رئيس القراء في جامعي المرادية والخفافين في بغداد وبرزت شهرته في اسطنبول
وقرأ القرآن في بلاط السلطان عبد الحميد و جامع صوفيا كما قرأ في الجامع
الاموي والازهر.
كان شاعراً ضليعاً باللغتين التركية والفارسية و قد
شهد لـه شعراء الاتراك والعجم بأنه اعجوبة الدهر. رافق الشيخ ابو الهدى
الصيادي في الاستانه ونال حظاً وافراً من عطفه وأخذ عنه الطريقة الرفاعية
وكان الصيادي رحمه اللـه يهيم حباً واعجاباً بفنونه وعلمه ويجل قدره ويعظم
مواهبه ولا يسمح لأحد مهما علا شأنه من ضيوفه العظام بالتدخين في حضرته الا
للضرير العبقري . تعلم الملا الضرير العزف على آلة القانون من تلقاء نفسه،
ثم تعلم العزف على الناي فأتى بغرائب الاعجاز، و كان لا يستعمل في قانونه
العربات التي تستعمل عادة لاخراج انصاف الارباع، بل كان يتلاعب بأناملـه
واطراف اظافره فيخرج النغمات سليمة شجية مما لم يسبق لغيره ان أتى بمثلـه.
وتطاولت عبقريته على فناني الاتراك اللامعين فكانوا يرون انفسهم لا شيء
بالنسبة لفنون هذا الضرير الجبار ويتسابقون لزيارته ويستقون من ورده الصافي
اعذب الموشحات والالحان ويشهدون بأنه تحفة عجيبة وهبها الدهر للناس لينعم
بعبقريته البشر
هو صاحب المدرسة العثمانية في التلاوة وتنسب
اليه الكثير من الالحان والموشحات (حوالي خمسين موشح) والتنزيلات (مرادف
البسته في الغناء الديني) منها ما نسب الى مجهول او الى التراث او الى
تلاميذه، نذكر منها "زوزوني كل سنه مرة" (كانت "زر قبر الحبيب مرة") و
"فوكَ النخل فوكَ" (كانت "فوكَ العرش فوكَ، معراج ابو ابراهيم فوكَ العرش
فوكَ") و"طلعت يا محلى نورها" (كانت "بهوى المختار المهدي") و "ربيتك
زغيرون حسن" كانت ("يا صفوه الرحمن سكن فيكم غرامي") و "اشكَر بشامة" (كانت
"احمد بحسنه سبانا") و "للعاشق في الهوى دلائل" و "ليت امي لم تلدني" و
"لغة العرب اذكرينا" و "يا غزالا في الفلاة" و "يا خشوف العلى المجريه" " و
"صلي يا ربي على خير الانام" و "الليالي عطرت احلامنا" و "هب الصبا" و
"الغصن الريان" و "قضى الليل يا معجله" و"ناح الحمام القمري" و "يا الهي
بالتهاني" و "يا راحلين اليه بالامان" و "نلت المقام الاشرف" و "نال العلا و
الفضل و النجاة" و "املأ و اسقينا" و "آه يا سيدي"، وغيرها كثير
و
قد ادخل مقامي النهاوند و الحجازكار الى المقام العراقي وادخل على مقام
الحجاز عناصر من مقام الديوان التركي الذي كان يغنى في الموصل وكان اول من
ذيل المقامات بالبستات التى حورها من تنزيلات المولد النبوي ومنها يا صياد
السمج، دزني ، لاناشد القبطان، قدك المياس، يم العيون السود، الليله حلوة،
النوم محرم، يا بنت المعيدي، يا حلو يا مسليني، وطالعة من بيت ابوها. من
تلاميذه عبد الرزاق القبانجي (والد محمد)، محمد خيوكه (والد حسن) واحمد
الموصلي وعبد القادر الموصلي واحمد حسين الصفو و نجم الشيخلي و الحامولي و
سيد درويش وغيرهم.
من مؤلفاته كتاب "ابيض خواتم الحكم في التصوف"
وكتاب "نباتي" وكتاب "الطراز المذهب في الادب" و "الابكار الحسان" و
"التوجع الاكبر بحادثة الازهر" و رسالة مطبوعة بتخميس لامية الإمام
البوصيري الشهيرة وقام بجمع وتنقيح ديوان الشعر المسمى "الترياق الفاروقي"
وهو نظم أستاذه ومربيه المرحوم عبد الباقي العمري الموصلي شاعر العراق
الأكبر وهو أكبر جهد قام به مؤلف ومدقق كما اصدر مجلة المعارف في مصر. ولـه
اشعار و تخاميس وتشاطير و مؤلفات عديدة استأثر بها بعض ذوي النفوذ الذين
كانوا يوفدون نساخاً لتدوين ما ينطقه.